Translate

الجمعة، 25 يناير 2013

علم الاقتصاد: السوق ,الإيجاب و القبول.



السوق: الطلب والعرض

(The Market: Demand and Supply)
د. محمد العمر – قسم الاقتصاد

يعتبر السوق المكان الذي يجتمع فيه كل من البائع، أو المنتج الذي يقوم بإنتاج السلعة، حيث يقوم بعرض سلعته في السوق، والطرف الآخر في السوق والذي يمثله المشتري أو المستهلك، حيث يقوم بطلب وشراء السلعة أو الخدمة. ويتم في السوق عملية تبادل بين المستهلك والمنتج، يحصل خلالها المستهلك على السلعة بينما يحصل المنتج على ثمن هذه السلعة. إذاً، عندما يريد المستهلك الحصول على سلعة معينة فإنه سيقرر الذهاب إلى المكان الذي تباع فيه هذه السلعة (سوق السلعة). فمثلاً، يوجد لدينا سوق للملابس، سوق للسيارات، سوق للأجهزة الكهربائية وهكذا.
يجب ملاحظة أن مفهوم السوق لا يرتبط بمكان معين، ففي كثير من الأحيان نسمع عن أسواق لا يتوفر فيها وجود مكان مادي محدد كأسواق النفط، أسواق الذهب العالمية، أسواق العملات العالمية وهكذا. وفي نفس الوقت، فإن كثير من هذه الأسواق لا يتطلب أن يتقابل فيها كل من البائع (المنتج) والمشتري (المستهلك) بشكل مباشر لإتمام عملية بيع وشراء السلعة (كشراء سلعة معينة عن طريق الإنترنت). وفيما يلي سنقوم بالتعرف على العناصر المكونة للسوق:   

 أولاً: الطلب (The Demand):

ويمثل الطرف الأول في السوق، حيث يقوم المستهلك بطلب وشراء السلع والخدمات المختلفة. ويقوم المستهلك بوضع جدول طلب خاص به يوضح الكميات التي سيقوم المستهلك بشرائها مقابل كل سعر محتمل لهذه السلعة. ويسمى هذا بجدول الطلب.
جدول الطلب: جدول يوضح الكميات المختلفة من السلعة التي يرغب ويستطيع المستهلك شرائها خلال فترة زمنية معينة.
تعتبر الرغبة والاستطاعة من محددات الطلب الفعال (Effective Demand). فالرغبة في شراء السلعة مع عدم قدرة المستهلك على الحصول عليها لن يؤدي إلى شرائها. ومن جانب آخر،  فإن قدرة المستهلك على شراء السلعة مع عدم الرغبة في الحصول عليها لن يؤدي إلى وجود طلب فعال على السلعة. وأخيراً، يجب تحديد الفترة الزمنية التي يتم من خلالها دراسة طلب المستهلك على السلعة، حيث يمكن للمستهلك أن يقوم بتغيير طلبه على السلعة مع مرور الزمن.  
 قانون الطلب:
بافتراض بقاء العوامل الأخرى على حالها، فإن العلاقة بين سعر السلعة والكمية المطلوبة منها هي علاقة عكسية. والمقصود بـ"بقاء العوامل الأخرى على حالها" هو ثبات العوامل المحددة للطلب.
منحنى الطلب الفردي (Individual Demand Curve)
هو منحنى يبين العلاقة العكسية بين سعر السلعة والكمية المطلوبة منها بيانياً، كما نص عليها قانون الطلب. ويمثل المحور السيني الكميات المطلوبة بينما يمثل المحور الصادي مستويات الأسعار المختلفة للسلعة.
منحنى طلب السوق (Market Demand Curve):
أن منحنى الطلب السابق هو منحنى الطلب الخاص بمستهلك واحد فقط على سلعة معينة خلال فترة زمنية محددة. فقد يكون هذا المنحنى منحنى الطلب الخاص بك على سلعة معينة كالتفاح مثلاً. ويمكننا الحصول على منحنى طلب السوق (أي منحنيات الطلب الخاصة لجميع المستهلكين على التفاح) عن طريق تجميع أفقي لمنحنيات الطلب الفردية.    

محددات الطلب (Determinants of Demand):
 العوامل الأخرى والتي تم ذكرها في نص قانون الطلب، فهي العوامل التي تقوم بتحديد موقع منحنى الطلب ومن ثم فإن تغير هذه العوامل سيؤدي إلى تغير موقع منحنى الطلب بالكامل إلى موقع آخر وذلك حسب نوع التغير، وهذه العوامل هي:
1- ذوق المستهلك:
ان تغير ذوق المستهلك سيعمل على تغير الطلب على السلعة. فإذا كان هذا التغير في صالح السلعة (أي أن المستهلك أصبح يفضل السلعة الآن ويرغب في الحصول عليها) سيرتفع الطلب على السلعة، ومن ثم ينتقل منحنى الطلب للأعلى وإلى اليمين. أما إذا لم يعد المستهلك راغباً في السلعة، أي تحول أذواق المستهلكين عن السلعة، سينخفض الطلب على السلعة وبالتالي ينتقل منحنى الطلب للأسفل وإلى اليسار.
2- عدد المشترين:
كلما ارتفع عدد مستهلكي السلعة كلما ارتفع الطلب على السلعة، ومن ثم ينتقل منحنى الطلب للأعلى وإلى اليمين، وكلما انخفض عدد مستهلكي السلعة كلما انخفض الطلب على السلعة وبالتالي ينتقل منحنى الطلب للأسفل وإلى اليسار.
3- توقعات المستهلكين:
إذا توقع المستهلك ارتفاع سعر السلعة في المستقبل أو نفاذها من الأسواق، فإن ذلك سيدفع المستهلك إلى زيادة طلبه على السلعة في الوقت الحاضر، وبالتالي سيرتفع الطلب على السلعة وينتقل منحنى الطلب للأعلى وإلى اليمين. أما إذا توقع المستهلك انخفاض سعر السلعة في المستقبل، فإنه سوف يقلل طلبه على السلعة حالياً من أجل الحصول عليها في المستقبل بسعر أقل، وهذا سيعمل على انخفاض الطلب على السلعة وبالتالي انتقال منحنى الطلب للأسفل وإلى اليسار.
4- أسعار السلع الأخرى:
إن تغير أسعار السلع الأخرى قد يعمل على التأثير على الطلب على سلعة ما. وهذا يعتمد بالطبع على نوع السلع الأخرى. ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من السلع كما يلي:
أ-  السلع البديلة (Substitutes):
وهي السلع التي يمكن أن تحل محل بعضها البعض في الاستهلاك، كالشاي والقهوة مثلاً. فارتفاع سعر القهوة سيعمل على زيادة الطلب على الشاي (حيث يمكن إحلال الشاي محل القهوة في الاستهلاك)، وبالتالي انتقال منحنى الطلب على الشاي للأعلى. أما انخفاض سعر القهوة سيعمل على انخفاض الطلب على الشاي، ومن ثم انتقال منحنى الطلب على الشاي إلى الأسفل.
ب- السلع المكملة (Compliments):
وهي السلع التي لا يمكن استهلاك الواحدة منها إلا باستهلاك الأخرى، كالشاي والسكر، الكاميرا والفيلم وهكذا. ويؤدي ارتفاع سعر الشاي مثلاً إلى انخفاض الطلب على السكر، وبالتالي انتقال منحنى الطلب على الشاي للأسفل. أما انخفاض سعر الشاي فسيعمل على ارتفاع الطلب على السكر، ومن ثم انتقال منحنى الطلب على السكر إلى الأعلى. 
ج- السلع المستقلة (Independent):
وهي السلع التي لا يرتبط استهلاك الواحدة منها بالأخرى كالتفاح والشاي مثلاً.
5- دخل المستهلك:
يعتبر دخل المستهلك من العوامل الرئيسية المحددة لطلب المستهلك على السلعة وذلك حسب نوع السلعة. ويمكن التمييز بين نوعين من السلع:
أ- السلع العادية (Normal Goods):
وهي السلع التي يرتفع الطلب عليها عند ارتفاع دخل المستهلك وبالتالي انتقال منحنى الطلب عليها للأعلى. ومن هذه السلع نجد الملابس الفاخرة أو تناول وجبات الطعام في المطاعم الراقية مثلاً.
ب- السلع الرديئة (Inferior Goods):
وهي السلع التي ينخفض الطلب عليها عند ارتفاع دخل المستهلك وبالتالي انتقال منحنى الطلب عليها للأسفل. ومن هذه السلع نجد مثلاً الفلافل والسلع المقلدة.

ثانياً: العرض Supply
يمثل العرض الجانب الآخر من السوق، حيث يقوم المنتج بإنتاج وبيع السلع والخدمات المختلفة. فعند كل سعر محتمل للسلعة التي ينوي المنتج عرضها، نجد هناك كمية معينة سيقوم المنتج بعرضها وبيعها وهذا ما يسمى بجدول العرض.
جدول العرض: وهو عبارة عن جدول يوضح الكميات المختلفة من السلعة التي يرغب ويستطيع المنتج إنتاجها وبيعها خلال فترة زمنية معينة.  


قانون العرض (Law of Supply):
ينص قانون العرض على أنه وبافتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها، فإن العلاقة بين سعر السلعة والكمية المعروضة منها هي علاقة طردية.
منحنى العرض الفردي (Individual Supply Curve):
هو منحنى يبين العلاقة الطردية بين سعر السلعة والكمية المعروضة منها بيانياً، كما نص عليها قانون العرض. ويمثل المحور السيني الكميات المعروضة بينما يمثل المحور الصادي مستويات الأسعار المختلفة للسلعة. 

منحنى عرض السوق (Market Supply Curve):
منحنى العرض السابق هو منحنى العرض الخاص بمنتج واحد فقط لسلعة معينة خلال فترة زمنية محددة. ويمكن الحصول على منحنى عرض السوق عن طريق التجميع الأفقي لمنحنيات العرض الفردية.


محددات العرض (Determinants of Supply):
 العوامل الأخرى والتي تم ذكرها في قانون العرض، فهي العوامل التي تقوم بتحديد موقع منحنى العرض، ومن ثم فإن تغير هذه العوامل سيؤدي إلى تغير منحنى العرض بالكامل إلى موقع آخر وذلك حسب نوع التغير.  وهذه العوامل هي:

1- أسعار عناصر الإنتاج:

يعمل ارتفاع أسعار عناصر الإنتاج المستخدمة في عملية إنتاج السلعة أو الخدمة على رفع تكلفة إنتاج هذه السلعة أو الخدمة، وبالتالي سيقوم المنتج بإنتاج كميات أقل منها مما يدفع العرض للانخفاض، ومن ثم انتقال منحنى العرض بالكامل للأعلى وإلى اليسار، مما يعني أن الكميات المعروضة أقل من السابق عند كل مستوى سعري. من جانب آخر، فإن انخفاض أسعار عناصر الإنتاج يعني انخفاض تكلفة إنتاج هذه السلعة، وهذا يساعد المنتج على إنتاج كميات أكبر منها، مما يؤدي إلى انتقال منحنى العرض للأسفل وإلى اليمين، مما يعني كميات معروضة أكبر عند كل مستوى سعري للسلعة.

2- عدد المنتجين:

كلما ارتفع عدد منتجي السلعة كلما ارتفع العرض من هذه السلعة، ومن ثم انتقال منحنى العرض للأسفل وإلى اليمين. وكلما انخفض عدد منتجي السلعة، كلما انخفض العرض منها، وبالتالي ينتقل منحنى العرض للأعلى وإلى اليسار.

3- التكنولوجيا المستخدمة:

أن تطور مستوى التكنولوجيا المستخدم في عملية إنتاج السلعة يعمل على تخفيض تكلفة الإنتاج، ومن ثم ارتفاع العرض منها، وبالتالي انتقال منحنى العرض بالكامل للأسفل وإلى اليمين. أما انخفاض مستوى التكنولوجيا المستخدم أو تراجعه يعمل على زيادة تكلفة الإنتاج، أي انخفاض عرض السلعة وانتقال منحنى العرض للأعلى وإلى اليسار.

4- الضرائب والمعونات الحكومية:

عند قيام الحكومة بفرض ضريبة على الإنتاج، فإن ذلك يعني ارتفاع تكلفة إنتاج هذه السلعة، وبالتالي قيام المنتج بإنتاج كميات أقل من السلعة، حيث يؤدي ذلك إلى تخفيض عرض السلعة، وانتقال منحنى العرض بالكامل للأعلى وإلى اليسار. أما عند قيام الحكومة بإعطاء معونات للمنتج، فإن هذا يعني انخفاض تكلفة الإنتاج، مما يساعد المنتج على إنتاج كميات أكبر من السلعة، وانتقال منحنى العرض بالكامل للأسفل وإلى اليمين.  

التوازن: تفاعل الطلب والعرض

بعد أن تعرفنا على كل من الطلب والعرض، نقوم الآن بدمج الطرفين، وذلك من أجل التوصل إلى ما يسمى بتوازن السوق. ويوضح الجدول رقم (1) الكميات المطلوبة والكميات المعروضة من نفس السلعة، والأسعار المقابلة لكل من هذه الكميات، وذلك خلال فترة زمنية محددة.

جدول (1): الكميات المطلوبة والكميات المعروضة والأسعار المقابلة لسلعة معينة خلال فترة زمنية محددة
P
Qd
Qs
الفرق
4
9
5
فائض طلب = 4
5
7
7
0
6
6
10
فائض عرض = 4

أن وضع التوازن هو الوضع الذي يتحقق فيه شرط التوازن، وهو تساوي الكمية المطلوبة مع الكمية المعروضة أو:                                        Qd = Qs
وبالتحقق من الجدول السابق، نلاحظ أن شرط التوازن يتحقق عندما يكون سعر السوق مساوياً لـ(5) دنانير. ففي هذه الحالة، فإن الكمية المطلوبة تساوي الكمية المعروضة عند (7) وحدات. ولكن، لنفترض أن سعر السوق يساوي (4) دنانير، وبالتالي فإن الكمية المطلوبة (9) وحدة، أكبر من الكمية المعروضة (5) وحدة، أي أن هناك فائضاً في الكمية المطلوبة يعادل (4) وحدات. ومما هو جدير بالذكر فإن فائض الطلب سيدفع السعر إلى الارتفاع. وكلما ارتفع السعر، كلما قلت الكمية المطلوبة، وفي نفس الوقت، ارتفعت الكمية المعروضة (تذكر قانون الطلب وقانون العرض)، ويدفع هذا الفائض السعر إلى الارتفاع  إلى أن يتلاشى هذا الفائض. ونلاحظ أنه عند سعر (5) دنانير، لا يوجد هنالك فائض طلب حيث تكون الكمية المطلوبة مساوية للكمية المعروضة.
وينطبق نفس التحليل عند وجود فائض عرض. فإذا كان سعر السوق مساوياً (6) دنانير، فإن الكمية المعروضة (10) وحدة، أكبر من الكمية المطلوبة (6) وحدة، أي أن هناك فائضاً في الكمية المعروضة بمقدار (4) وحدة. إن وجود فائض العرض هذا سيدفع السعر للانخفاض، وذلك من أجل تشجيع المستهلكين على طلب كميات أكبر من السلعة. فكلما انخفض السعر، كلما قلت الكمية المعروضة، وفي نفس الوقت، ارتفعت الكمية المطلوبة (تذكر قانون الطلب وقانون العرض)، وبالتالي يتقلص فائض العرض الموجود في السوق إلى أن يتلاشى هذا الفائض. ونلاحظ أنه عند السعر (5) دنانير لا يوجد هنالك فائض عرض، حيث أن الكمية المطلوبة تساوي الكمية المعروضة.
ويمكن تعريف السعر الذي تتساوى فيه كل من الكمية المطلوبة مع الكمية المعروضة بالسعر التوازني، حيث يتميز هذا السعر بعدم وجود فائض طلب أو فائض عرض.





التغير في وضع التوازن:

هناك العديد من العوامل التي تؤدي إلى تغير وضع التوازن في السوق، حيث تعمل التغيرات التي تحدث في العوامل المحددة للطلب، والتغيرات التي تحدث في العرض، إلى تغيير التوازن القائم. ويمكن تصنيف التغيرات التي تطرأ على  توازن السوق إلى:
1- اختلال وضع التوازن بسبب التغيرات التي تطرأ على محددات الطلب.
2- اختلال وضع التوازن بسبب التغيرات التي تطرأ على محددات العرض.
3- اختلال وضع التوازن بسبب التغيرات التي تطرأ على محددات من الطلب والعرض معاً.   



ليست هناك تعليقات: